شرعت في كتابة هذه الرسائل في شتاء 2019 ميلادية 1441 هجرية،
إلى حفيدي الذي لم ألقاه بعد؛ وكلي ثقة
بأنها ستصلك بطريقة ما، وهي بمثابة توثيق لواقعنا، أكتبها لك يا بني وكلي أمل في
أن يخلو عصركم من شرورنا وخطايانا.
(3) الأمراض
وكانت الأمراض يا بني تصيبنا في ذاك الزمان ..
نعم .. أعلم أن جيلكم لا يفهم ما يشعر به المريض ..
ولكن ما يجب أن تعلمه .. أنكم حقآٓ محظوظون.
وكما قامت صناعات وتجارة كبيرة بسبب اتساخ الملابس ..
أيضاً قامت مثلها .. بل وأكثر بكثير .. صناعات وأسواق كاملة على
فكرة علاج الأمراض أو التخفيف من معاناة المرضى ..
وعلى إنتاج أدوات بل وأجهزة لمساعدة الأطباء ..
كليات ومعاهد لتخريج أطباء وممرضين ..
تسأل عن الممرض ؟
حسناً .. فلنقل ببساطة إنه مساعد الطبيب مثلا ..
كنا نتهم الشركات الكبرى أنها تقدم مصلحتها التجارية
والاقتصادية على حساب المريض ..
وصل الأمر أن بعضنا اتهم تلك الشركات بالوقوف خلف انتشار نوع
معين من الأمراض تم إنتاجه بمصانعهم ..
وبذلك يضمنون سوقاً لدوائهم وعلاجهم !
مات الكثيرون منا بسبب تلك الأمراض ..
أحياناً بسبب إهمال المريض نفسه .. لجهله ربما .. أو لاستهتاره
..
ومنا من مات لعدم قدرته على تحمل تكاليف العلاج.
لست أدري كيف أقنعك أن الناس في زماننا كانت تضطر للسفر خارج
بلادهم من أجل العلاج !
وبالتالي فمن المؤكد أنك لن تصدق ولا تستوعب معنى هذا المصطلح :
السياحة العلاجية !
يا بني .. كانت الأمراض في الواقع يمكنها أن تصيب كل كائن حي !
إن كان البعض يتهم دون دليل ضلوع شركات الأدوية في انتشار أمراض
معينة ..
فإننا لا نحتاج إلى أي جهد لنثبت أن بعض الجيوش استخدمت
الجراثيم كأسلحة في حروبنا ضد بعضنا البعض !
يا بني .. لقد دفع أجدادك ثمناً باهظاً .. لتصلوا لما أنتم عليه
الآن .. صدقني .. نحن نحسدكم .. ولو كان أبناء جيلي قادرون على تدمير كل ما وصلتم
إليه .. لفعلوا !
هل شاهدت في المتحف سيارة الأسعاف ؟
تضحك ! نعم أعلم أنه لمثير للسخرية أن ننقل مريضاً بسيارة تعمل
على حرق الوقود وتعادي البيئة ..
لكن هذا ما كان لدينا حينها.
هل تعلم عدد الأطفال الذين راودهم حلم قيادة سيارة الإسعاف ؟
والآن يا بني .. هل تتركني لأرتاح قليلاً .. أو كثيرا ..
جدك
.. خالد عبد الرحمن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق