الأحد، يناير 05، 2020

رسالة إلى حفيدي .. (1) الملابس


شرعت في كتابة هذه الرسائل في شتاء 2019 ميلادية 1441 هجرية، إلى حفيدي الذي لم ألقاه بعد؛  وكلي ثقة بأنها ستصلك بطريقة ما، وهي بمثابة توثيق لواقعنا، أكتبها لك يا بني وكلي أمل في أن يخلو عصركم من شرورنا وخطايانا.



(1) الملابس ..
وكنا يا بني في تلك الفترة نستر أجسادنا بملابس مصنوعة من مشتقات نباتية بشكل شبه مباشر ..
كنا نستخدم القطن والكتان والحرير .. ونضيف إليها بعض المشتقات النفطية أو البترولية ..
كالنايلون أو البوليستر ..
وهي أشياء قد تستصعب نطقها ..
وكنا يا بني نصبغ هذه الأشياء كي نعطيها ألواناً مختلفة ..
ألواناً غير ألوانكم التي تعتمد على الضوء .. وبأشياء فيزيائية .. تدرسونها اليوم في مدارسكم .. أما أمثالي فلا يعرفون شيئاً عن طريقة عملها !.
ولا غرابة في صعوبة نطقكم لكلمات مثل النايلون والبوليستر .. فنحن أيضاً لا نتذكر بسهولة أسماء تلك الأشياء التي نرتديها الآن ..
بالنسبة لنا هي أقرب لأسماء الأدوية أو العناصر الكيميائية ..
سهلة .. لكن لا نتذكرها !
كيف أتذكر أن الملابس المخصصة للتباهي والمناسبات الرسمية اسمها N3
بينما المخصصة للمنزل وللنوم Sa2 !
بل كيف تتذكرونها أنتم !
...
وكانت تلك الملابس يا بني تتسخ ..
نعم ..
قد يبدو ذلك غريباً بالنسبة لك ..
لكن هذا ما كان يحدث .. وقد قامت صناعات كاملة للتخلص من تلك الأوساخ.
كان لدينا مصانع لإنتاج مساحيق الغسيل ..
ومصانع لإنتاج الغسالات ..
نعم .. كتلك التي تراها في متحف العلوم
كل منزل يا بني .. كان لديه غسالة واحدة على الأقل.
بل بعد أن نغسلها ونجففها .. بتعليقها على الحبال وتعريضها للشمس والهواء ..
كنا نثبتها على الحبال بأدوات بدائية تسمى مشابك ..
بعد أن تجف نجدها بحاجة للكي .. فنقوم بتسخين أداة معدنية لنكسبها مظهراً أجمل.
كل هذه الصناعات يا بني كانت تستوعب الكثير من العمال ..
مصانع حبال ومشابك ومكواة ..
هل تعرف المكواة ؟ ستجد لها نموذجاً بالتأكيد في متحف تاريخ العلوم.
كل هؤلاء العمال والتجار وشركات الدعاية .. كان اتساخ الملابس هو السبب الرئيسي في حصولهم على المال ..
نعم المال ..
هل تسأل عن المال في عصرنا ؟
لتلك حكاية أخرى ..
والآن ..
أرجو أن تتركني لأرتاح قليلا ..
جدك ..
خالد عبد الرحمن

ليست هناك تعليقات: