الأحد، يناير 05، 2020

رسالة إلى حفيدي .. (2) المال


شرعت في كتابة هذه الرسائل في شتاء 2019 ميلادية 1441 هجرية، إلى حفيدي الذي لم ألقاه بعد؛  وكلي ثقة بأنها ستصلك بطريقة ما، وهي بمثابة توثيق لواقعنا، أكتبها لك يا بني وكلي أمل في أن يخلو عصركم من شرورنا وخطايانا.



(2) المال ..
وكنا يا بني نبذل جهودا شديدة التباين من أجل الحصول على تلك الأوراق الملونة .. والتي كانت تطبعها الحكومات آنذاك وتدعي أنها أمولاً
كنا نصدقهم .. فنجتهد لنحصل عليها .. بأساليب أخلاقية أو بغيرها .. تأتي سهلة للبعض وصعبة للبعض ..
وكانت هناك ضوابط عدة لعملية تلوين الأوراق وطباعتها .. لا داعي للخوض في تفاصيلها ..
فقط سأخبرك عن أطرفها ..
فقد كانت الحكومات تحتكر عملية تلوين تلك الأوراق .. وتمنع غيرها !
فتعاقب وتسجن من كان ينافسها في هذه الطباعة .. ويمنحونه لقب مزور وتهمته التزوير ..
كنا يا بني نتقاتل أحياناً على تلك الأوراق الملونة !
نعم ..
جرائم ترتكب ..
نفوس تباع وتشترى ..
شرف يدنس .. وكرامة تمتهن ..
من أجل تلك الأوراق !
وكان لدينا مؤسسات كاملة لتنظيم وإدارة هذه الأوراق .. بنوك وبورصة ومكاتب لتجارة العملات .. إلخ.
واستخدمنا التكنولوجيا الحديثة (بالنسبة لنا) لنقلها من بلد إلى بلد ..
أو لسداد التزاماتنا ..
فاستخدمنا بطاقات ورقية .. وثبتنا عليها شرائح معدنية صغيرة ..
وبالأزرار نعطيها تعليماتنا ..
فنبيع ونشتري من خلال تلك البطاقات .. كي لا نحمل عبء حماية أوراقنا الملونة ونحن في الشارع ..
نعم يا بني ..
وبرمجيات معينة من خلال هواتفنا المنزلية أو المحمولة أو حواسيبنا ..
كل تلك الأجهزة سبق وأن شاهدتها انت في متاحف العلوم ..
إن سرقة أو ضياع تلك الأوراق كان يسبب لنا الحزن والغضب .. بخلاف صعوبة تعويضها.
أراك تشفق علينا ..
نعم .. نستحق هذه الشفقة .. ونستوعبها منكم ..
لكن لا تتهمونا بالغباء والتفاهة ..
لو عشتم معنا في أيامنا .. لفعلتم مثلنا تماما.
رغم حزني على ما ارتكبناه ..
إلا إنني سعيد بنظامكم الذي أعاد المال كما كنا نسمع عنه من أجدادنا ..
حيث كانت ذهبا وفضة ..
سعيد بأنكم تمكنتم من إيجاد أنظمة اقتصادية أكثر عدلا من تلك التي عانينا نحن منها ..
بني ..
الحديث عن المال أرهقني ..
فأرجو أن تتركني لأرتاح قليلاً..
وربما طويلاً !
جدك : خالد عبد الرحمن

هناك تعليقان (2):

mohamed_abdalla يقول...

اهم حاجه طباعه هذه الملابس

mohamed_abdalla يقول...

سرد رائع