الثلاثاء، أكتوبر 08، 2013

على ضفاف القرآن


على ضفاف القرآن

بقلم : خالد عبد الرحمن
التقيت صديقي سعيد بعد غياب ثلاثة أعوام، وآخر مرة كنت معه ونحن نطالع كشوف النتيجة في المرحلة الإعدادية.
في هذه المرحلة، الثلاث سنوات تجعلك مختلفا تماما عما كنت عليه، فمن ذلك الطفل الأمرد، إلى الشاب اليافع طولاً وعرضاً ولحيةً !
بالكاد عرف أحدنا الآخر، وجدت سعيداً يرتدي الجلباب القصير وبلحية كثة .. ماذا دهاك؟ ماذا أصابك؟ وقد كنت ذلك العابث القافز عبر أسوار المدرسة؟
فأجاب بتحدٍ : ألم تكن أفضلنا في التحصيل العلمي؟
قلت بلى، فأكمل : وها أنت وصلت للجامعة؟
قلت نعم، قال ممتحناً : هل تحفظ سورة الفلق؟
فقلت بالطبع، فسألني ذلك السؤال الذي يغير مجرى الحياة :
فهل تعرف معنى كلمة (الفلق)؟
يا له من سؤال! بعد أن وصلت إلى الجامعة، -وكنت أعتقد أنها منتهى العلوم- أجد نفسي عاجزاً عن مجرد تخمين معنى كلمة أحفظها منذ كنت في الخامسة من عمري؟
إن جهلي بمعنى كلمة (الفلق) كان له أكبر الأثر على حياتي وعلاقتي بالقرآن ..
عدت إلى المنزل، ومباشرة إلى المكتبة، التي لم تخل من تفسير الجلالين، لأفتحه لأول مرة في حياتي! وأبحث عن معنى كلمة الفلق، لأنتبه منذ ذلك اليوم إلى عدة حقائق ..
أولها : أنني لا أعرف معنى كلمة الفلق!
ثانيها : أن كونك الأول على المدرسة فذلك لا يعني أنك تعرف كل شيء.
ثالثها : إياك أن تصبح مجرد تسجيلاً صوتياً سواء للقرآن الكريم أو لغيره.
بعد فترة وجيزة وقعت عيني في مكتبة دار المعارف الشهيرة على تفسير آخر، أكثر تفصيلاً من تفسير الجلالين، فاشتريته، ووضعت لنفسي وردا يومياً إلى أن ختمته كاملاً بفضل الله.
ولكن كما نعلم، طالب العلم كطالب المال، كلاهما لا يشبع .. فصرت أطير من تفسير إلى آخر، وأعيش مع المفسرين جوانب من حياتهم، حتى أدركت أن رب العالمين لم يُنزِل القرآن لنحفظه -ولا أنكر أهمية الحفظ- ولا لنقضي حياتنا في علم القراءات -على أهميتها- وإنما لسبب عظيم ذكره الله لنا بشكل مباشر، فلا نتعب أنفسنا ونتفلسف في سبب تنزيل القرآن، والإجابة في سورة ص، قال تعالى : {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }ص29.
ليدبروا .. هذا هو السبب، لنتدبر، ولكن لحظة! ما هو التدبر أصلاً؟ هل هو الشرود الذهني والنظر إلى سقف الغرفة وحسب؟
باب الدال والباء والراء يدل على آخر الشيء، بمعنى أن ننظر إلى خلاصات الأحكام القرآنية، ومنتهى الأوامر والنواهي. 
والسؤال الآن : كيف أبدأ؟
فأقول بعد حمد الله:
أولاً : يجب أن تنسى فكرة إنك تقرأ بالأبجدية الفارسية أو الكردية، هو مكتوب باللغة العربية، وأنه ليس لوغاريتمات وطلاسم.
ثانياً : قبل أن تشرع اجعل بجانبك في الحد الأدنى كتاب جيب صغير اسمه : كلمات القرآن تفسير وبيان.
ثالثاً : ستحتاج مع التدريب ومع قراءة أكثر من تفسير، إلى أن يكون بجوارك باستمرار .. دفتر مخصص لهذا الغرض، وقلم! نعم ستكتب ما يبدو لك من خواطر!
هذا بداية الطريق لأن تكون من المتدبرين .. ودمتم في أمان الله.
خالد عبد الرحمن
8/10/2013 م.

ليست هناك تعليقات: