الجمعة، مارس 16، 2012

قصة قصيرة - قاطع الكهرباء

حقيقة قاطع الكهرباء

الفصل الأول :

الطفل المنتظر ..

أم صالحة وأب طيب .. تزوجا في ظروف عادية بطريقة تقليدية .. تأخر إنجابهما وسط مجتمع لا يؤمن بالمشيئة الإلهية .. وبدأ المحيطون في التدخل بشكل سافر واقتراح حلول كلها أسوأ من كلها.

لحكمة بالغة لم يشأ العلي القدير لهما الإنجاب، إلا أن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : لا يرد القضاء إلا الدعاء، جعل الزوجين يجتهدان ويجتهدان في الدعاء .. وأخيراً .. جاء الطفل الموعود الذي أخرس ألسنة قوم يجهلون .. جاء كعقاب لمجتمع احترف النفاق! .. وليته لم يأت!

دراكولا الصغير ..

ما أن صار الطفل صبياً .. حتى بدأت تتكشف حقيقة أخلاقه السيئة وما يحمله من شر وأذى أصاب كل من أحاط به، قد لا يصدق بعضكم هذه الأوصاف، إذ الأصل في الصغار البراءة وحب الخير، إلا أن واقع هذا الغلام كان مخالفاً بكل أسف لآراء حضراتكم. فقد بدأ أول ما بدأ بأمه ! وهذه القصة غيض من فيض ولن أذكر عشرات بل مئات القصص والتي لا تقل بشاعة عن هذا الحدث : طلب الطفل الشرير من أبيه (قطة)، والأب عارض في البداية، إلا أن الأم أقنعته فربما بالمودة مع الحيوانات الأليفة ينصلح حاله ! وافق الأب على مضض وأحضر قطة صغيرة جميلة. تظاهر الابن غريب الأطوار بالفرح واللعب معها أمام الجميع، أما في الخلوة فكان يعذبها ! وخزاً بالدبابيس أو لسعا بمسطرة معدنية يسخنها على النار ويلسع بها القطة المسكينة، إلى آخر ذلك من أصناف وفنون العذاب. في أقرب فرصة هربت القطة ولم تعد أبداً، العجيب أنه شكى لجدته لأبيه أن أمه تعامل قطته بطريقة مهينة ولا تطعمها، وأخيرا أقنعها بأن أمه سممت قطته وبكى أمام جدته !

سواء صدق الأب والأم أو كذبوا هذه القصص، إلا أنهم في النهاية قد اكتشفوا الحكمة من تأخر الإنجاب، وندما بعد فوات الأوان على هذا الحادث السعيد !!

دراكولا شابا ..

توالي وتتابع هذه المصائب وتزايد ضررها وجسامتها تزداد مع تقدم الغلام في العمر، ما أدى لوفاة أمه بذبحة صدرية، أما الأب فقد أصيب بالشلل، لم يعاني الشاب الجامعي مع والده يوماً واحداً بعد الشلل، إذ لم يتردد في إرساله لدار رعاية المسنين بعدما تأكد من أن والده أصبح مشلولاً فعلاً.

لا تسألوني كيف علم الاحتلال عن هذا الشاب وتاريخه الطفولي الأسود، لكن هذا ما حدث، فجندوا كتائب الماسونية ليصل لوظيفة محترمة، جدير بالذكر أن كل المصائب التي لحقت بزملائه في الجامعة والعمل، لم تكن أبدا صدفة، وإنما كان مجرم يقف بعيد خطوات من كل كارثة منها!

وتستمر كتائب بني ماسون في مد يد العون الخفية ليصل هذا السادي لأن يصبح صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في ملف الوقود والمحروقات!

وبعد أن مارس ضد شعبه فنون الأذى، وأيقن الاحتلال أنه ليس بالإمكان أفضل مما كان، تقرر نقله ليصبح المسئول الأوحد عن ملف جديد .. ملف يتمكن من خلاله إيذاء كل نفس في شعبه ..

في قطاع الكهرباء ..

بذل جهداً رهيباً ليكتم فرحته مؤقتاً وفقط حتى يصل بيته، بالتأكيد خالياً دون زوجة ولا أبناء، فالشيطان لا يسكن مع أحد، وما أن أغلق باب قصره الفاره، حتى انطلقت ضحكاته الشريرة مدوية مجلجلة تكاد تقتلع الجدران من تحت الأسقف! طاش فرحاً! أخيراً .. الكهرباء .. حلم حياتي!

وبالحديث عن قصره الفاره والذي ينم عن ثراء فاحش، إلا أنه كان قذراً مليئاً بطبقات الغبار، فلم يكن لديه الوقت لينظفه بنفسه، والحق يقال لقد سبق له الاستعانة بشركات متخصصة في التنظيف، إلا أن كل مرة كان ينتهي الأمر في مركز الشرطة، وقد أحكم الخناق على واحد أو اثنين من طواقم التنظيف بتهمة السرقة! بالطبع نعرف من دبر هذه السرقة للمساكين، ورغم ثبوت الأدلة في كل مرة، إلا أن الشركات العاملة في هذا المجال قد أخذت قرارا بعدم التعامل معه، إذ لا تحدث هذه الحوادث إلا في منزله العامر، فقد كانوا على ثقة تامة بأن طواقمهم في قمة النزاهة والشرف، إلا أن العدالة لا تأخذ هذا في الاعتبار، ومنذ زمن بعيد وهو يعيش في هذه القذارة، والتي تتوعد كل من يحاول الاقفتراب منها بالسجن بتهمة السرقة!

الفصل الثاني :

يوميات عبد الظلام ..

ولأن دراكولا، أو عبد الظلام (هذه عقيدته) لا يمكن أن ينفذ كل شيء بنفسه، فقد احتاج لطاقم يساعده، ويظهر أمامهم انتصاراته، فقام باستقطاب كل من ثبتت عليه تهمة النذالة المفرطة، كعملاء الاحتلال والمفطورين على التجسس، وأنجس القوادين، طاف عليهم بالسجون وفعل الأفاعيل بمساعدة كتائب الماسونية، حتى أفرج عنهم، وقربهم منه، بل وأوكل إليهم الوظائف الحساسة في قطاع الكهرباء، سواء وكيل وزارة أو عامل نظافة، كل حسب مهمته.

فهيا بنا نقلب صفحات مذكراته السوداء ..

سؤال بريء ..

عبد الظلام : اليوم تتغير مواعيد انقطاع الكهرباء .. بدل من 12:00 لـ 6:00 ، خليها من 2:00 لـ 8:00. نذل 1 : نبلغ الإذاعة ؟ عبد الظلام : طبعا لأ يا غبي !! احنا عاوزين نفاجأ الجمهور الكريم. نذل 2 : دائما ما أسمعك تصف الجمهور بالكريم، رغم أنك تذيقه العذاب أصنافاً، فما السر يا سيدي؟ عبد الظلام : (والقلق على وجهه) سؤال يدل على تقدم في مستوى النضج الفكري يا نذل 2 ! مع ذلك سأجيبك، هو بالفعل جمهور كريم، لأنه كما تعلم يذوق ألوان العذاب والخسائر المادية، ومع ذلك فهو يدفع الفاتورة بانتظام تحسدنا الشياطين عليه، جل رد فعله هو التبرم، فلا اعتصم ولا قاطع ولا ثار والعياذ بالظلام ولا شيء أبداً. .. ابتسم نذل 2 في بلاهة كأنما فهم، وانصرف لينفذ التعليمات، وهنا التفت عبد الظلام لنذل 1 قائلاً : بمجرد وصوله لمقر عمله، اتصل بالشرطة وأبلغ عن حالة رشوة، وليذهب نذل 2 للجحيم، لقد بدأ هذا الغبي يسأل، والسؤال هو كلمة السر لدخول بوابة الجحيم!

نذل 1 : سأفعل حالاً.

شغل .. أغلق .. شغل ..

عبد الظلام : أريدك بعد إعادة التيار للجمهور الكريم، أن تقطعه بعد 10 دقائق. نذل 3 : ولكنه دورهم، فليس من العدل قطعه بعد انقطاع 12 ساعة! عبد الظلام : لا تقلق، سوف تعيده مرة أخرى .. بعد 10 دقائق أيضاً .. نذل 3 : مفهوم. ثم انصرف .. عبد الظلام محدثا نفسه : الحيوان! ظهر له ضمير ويتحدث عن العدل! ذاك مرض وحق الظلام يستوجب جراحة فورية، وتناول هاتف لاسلكي : عبد الظلام : نذل 1 هل تسمعني ؟ نذل 1 : نذل 1 ع السمع .. عبد الظلام : نذل 3 مشتاق للمرحوم والده .. مفهوم؟ نذل 1 : الله يرحم الجميع .. علم وجاري التنفيذ. ومن يومها، والتيار عندما يعود في موعده المحدد أو غير المحدد، تلقائياً .. ينقطع بعد 10 دقائق ولمدة 10 دقائق ثم يعود ثانية لمدة 6 أو 8 ساعات حسب رغبة عبد الظلام.

.. أكتفي بهذا القدر مؤقتا من اليوميات .. تاركاً لكم المساحة لتكتبوا أنتم باقي اليوميات!

طاب ظلامكم !!

خالد عبد الرحمن 16/3/2012

ليست هناك تعليقات: