بسم الله الرحمن الرحيم
معصية الرضا بالظلم
بقلم |
خالد عبد الرحمن
وَالَّذِينَ إِذَا
أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ{39} وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ
مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ
الظَّالِمِينَ{40} وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم
مِّن سَبِيلٍ{41} إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ
وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ{42}
وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ{43}
---- من سورة الشورى ---
معصية ربما لم تسمع عنها من قبل ! نقع فيها دون أن ندري، داء يقع فيه من يبتعد عن منهج رب العالمين، ودعني أوضح لك الصورة أكثر ..
فأنواع
المظلومين حسبما فهمت من الآيات ثلاثة :
1. مظلوم ينتصر لنفسه
ويهزم الظالم ... وهذا النوع ليس عليه عقوبة ! وتأمل !! ليس له ثواب أيضاُ !!!
وكأن الرسالة : انتصر لنفسك وقاوم الظالم، وإلا ... !!!! حينما تنتصر لنفسك فأنت
تفلت من العقوبة الإلهية !!!!!!
2. مظلوم يصبر ويغفر
... وهذا له ثواب ! يعني أفضل من الذي انتصر لنفسه ؟!
3. مظلوم سلبي لم
ينتصر ولم يصبر ... استسلم للظالم أو استفاد منه أو طبّل له
...
بالتأكيد
ليس له ثواب، لأن الثواب للصابر الغافر (وهو أمر صعب وصفه الله بأنه من عزم
الأمور).
لكن
ربما عليه عقوبة، لأن الذي نجا من العقوبة هو المظلوم الذي انتصر على ظالمه!
وقد يقول
قائل : لقد تحاملت أيها الكاتب على المظلوم، ربما أكثر من سخطك على الظالم، وهذا
يبتعد بك عن الموضوعية والحيادية، فهناك الضعفاء فعلاً، كيف تسقطهم من احتمالاتك
؟!
فأقول :
هناك قواعد للاستضعاف، بحيث لم يترك الله عز وجل لنا (شمّاعة) نلقي عليها حبنا
للراحة والمصلحة الشخصية، فتدبر معي :
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ
الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ
تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا
فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ
مَصِيراً{97}
... تدبر
! الاستضعاف المزيف جريمة ! ذنب ومعصية !! عقوبتها جهنم !!!
إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ
وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً
وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً{98}
... هذا
استضعاف حقيقي ...
فَأُوْلَـئِكَ عَسَى
اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوّاً غَفُوراً{99}
... قال
: عسى .. ولم يقل سيغفر أو سوف يعفو .. عسى .. ويتأكد العفو من كون الله عفواً
غفوراً .. وليس لاستحقاقك العفو رغم أنك لا تستطيع حيلة .. ولكنها : عسى !
وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً
كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن
بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ
وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً{100}
– من سورة النساء
ترغيب
وتحبيب في الهجرة بشدّة، ووعد (إن صلحت وصدقت النية) بأنك ستجد مقومات كثيرة، وسعة
في الرزق، وعلى أسوأ الأحوال لو حدث أن
مات المهاجر المسكين المستضعف قبل أن يحقق هدفه، فأجره محفوظ !!
والسلام عليكم ورحمة الله
خالد عبد الرحمن
27/1/2016